تزامنًا مع مثوله اليوم لجلسة الاستئناف، يطالب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان السلطات الجزائرية بوضع حد للملاحقات القضائية بحق شاعر الحراك محمد تجاديت، الذي تكرر احتجازه أكثر من مرة منذ عام 2019، والمحكوم عليه في 20 يناير2025 بالسجن خمسة سنوات، لمجرد ممارسة حقه في حرية التعبير، ومشاركته منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل وسم (مانيش راضي)، وهو الوسم الذي اكتسب زخمًا في أواخر ديسمبر 2024 كرمز للإحباط العام على نطاق واسع. ويطالب المركز بإسقاط الحكم الصادر بحقه قبل 3 أشهر، وسرعة الإفراج عنه دون قيد أو شرط.
تقول آمنة القلالي، مديرة البحوث بمركز القاهرة: «في الجزائر، بغض النظر عن مدى عمق الأزمة الاقتصادية وصرخات الاستياء المدوية في الشوارع أو على منصات التواصل الاجتماعي، يظل رد السلطة الوحيد هو المزيد من القمع والمزيد من الحبس والمزيد من الصمت. وعوضًا عن معالجة الأسباب الجذرية للاستياء –الفقر والفساد والإقصاء– تختار الدولة تجريم الاحتجاج والمقاومة».
كان تجاديت أحد مئات الآلاف من الشباب الذين نزلوا للشوارع في انتفاضة 2019، المعروفة باسم الحراك، مطالبين بإصلاحات ديمقراطية في الجزائر. وسرعان ما أصبح تجاديت صوتًا بارزًا للحركة، واشتهر بقصائده المثيرة للذكريات، المحتفية بالانتفاضة السلمية، ودعمه الثابت للمعتقلين السياسيين. فتم اعتقاله للمرة الأولى في 11 نوفمبر 2019، من أمام محكمة سيدي محمد بالعاصمة، خلال اعتصام لدعم سجناء الرأي، بتهمة «نشر معلومات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية». وفي 19 ديسمبر من العام نفسه حكم عليه بالسجن 18 شهرًا، لكن تم إطلاق سراحه في 2 يناير 2020 بعد عفو رئاسي. ومنذ ذاك الحين تكرر القبض عليه 5 مرات أخرى، وصدرت بحقه عدة أحكام أخرها ذلك الحكم الصادر بحبسه 5 سنوات في 20 يناير 2025.
الحكم الأخير أصدرته المحكمة الابتدائية في الرويبة، على خلفية حزمة اتهامات تستند للمواد 79 و96 و100 و146 من قانون العقوبات الجزائري، والمتعلقة بـ «تقويض الوحدة الوطنية»، و«نشر معلومات من شأنها الإضرار بالمصالح الوطنية»، و«التحريض على تجمع غير مسلح عبر تقنيات الاتصالات»، و«ازدراء مؤسسة عامة». وفي كل هذه الاتهامات اعتمدت المحكمة فقط على كتاباته وأنشطته على وسائل التواصل الاجتماعي. علمًا بأن منشورات تجاديت المشار لها في القضية انتقدت فقط سلوك الحكومة ودعت إلى إطلاق سراح سجناء الحراك وإحياء الاحتجاجات السلمية.
فوفقًا لوثائق المحكمة، التي اطلع عليها مركز القاهرة، فسر القضاة منشوراته، لا سيما تلك التي تستخدم وسم «مانيش راضي»، باعتبارها محاولة لزعزعة استقرار البلاد، وليست تعبيرًا مشروعًا عن المعارضة. كما اعتمدت المحكمة على محادثات خاصة لتجاديت على منصة «ماسنجر»، ناقش فيها مع نشطاء آخرين الوضع الوطني وانتقدوا تصرف السلطات. وفي تطور مقلق جدًا، فسرت المحكمة في أوراقها استخدام رمز «الإبهام لأعلى» الذي استخدمه تجاديت ردًا على رسالة كانت تتعلق بمعلومة حول القوات المسلحة الجزائرية، كدليل على نية إجرامية! كما زعم القضاة أنه نظرًا لمشاركة منشوراته لاحقًا من قبل أشخاص يزعمون أنه «عميل إسرائيلي» ومستخدمين آخرين من المغرب، فهذا يشكل دليلًا على اشتراكه في مؤامرة لتقويض الأمن القومي.
تضيف القلالي: «من المؤسف أن نرى كل مقطع فيديو أو منشور أو رسالة خاصة وحتى رمز تفاعلي وقد تم فحصها من قبل المحكمة واستخدامها كسند إدانة، دون أي محاولة للنظر في أي تفسير بديل أو هادف، ضمن محاكمة لم تقدم أي مظهر من مظاهر الإنصاف أو الحياد».
جدير بالذكر أن تقارير إعلامية ومنظمات حقوقية، قد أفادت باعتقال عشرات الأشخاص بين ديسمبر2024 ويناير2025 لمشاركتهم وسم «مانيش راضي»، حتى بلغ عدد سجناء الرأي المحتجزين حاليًا في الجزائر 243 شخصًا، وفقًا لتقديرات المدافع عن حقوق الإنسان زكي حناش.
Share this Post